البعد الثقافيّ للتاريخ الوطنيّ عند الياس ديب مطر (1857-1910) – من خلال كتابه “العقود الدرّيّة في تاريخ المملكة السوريّة”

البعد الثقافيّ للتاريخ الوطنيّ عند الياس ديب مطر (1857-1910) – من خلال كتابه “العقود الدرّيّة في تاريخ المملكة السوريّة” 366

أندريه نصّار

عدد خاص: مؤتمر العلوم الإنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية – ج1 – حزيران يونيو 2020

الصفحة 148-167

  • ملخص

    أحدثت الإصلاحات العثمانيّة منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر، وتحديدًا في العام 1856، تحوّلات في الواقع الثقافيّ المحلّيّ، بدأت تتمظهر ملامحها في المجالين الفكريّ والأدبيّ. لكن بعد أقل من أربع سنوات، عكّر وقوع أحداث العام 1860 في جبل لبنان صفو هذا المشهد الذي طال انتظاره. وعلى الرغم من الوقع المؤلم لهذا الحدث، فقد كانت له جوانب إيجابيّة تمثّلت في تبلور فكرة الوطن. وترافق ذلك مع تزايد التدخّل الأجنبيّ في الشأن الداخليّ، ونشوء متصرّفيّة جبل لبنان الذي أرسى نوعًا من النظام المشجّع على استقطاب الاهتمام الخارجيّ بالمجال التعليميّ. فبعد سنوات قليلة من نكبة الجبل، أُنشئت الجامعة الأميركيّة في بيروت، وأعقبها قدوم الإرساليّات الأوروبيّة وتأسيس المدارس والمعاهد. وفي موازاة الحركة الفكريّة والتعليميّة والتربويّة الناشطة، أكمل صدور الصحف والمجلّات ونشوء المطابع مشهديّة النهضة، فاتّسعت مروحة الاطّلاع على الأفكار والتيّارات والاتّجاهات. وفي غمرة هذا المستجدّ على الواقع المحلّيّ، وضع الياس ديب مطر كتابه “العقود الدرّيّة في تاريخ المملكة السوريّة”، وهو أول محاولة للتأريخ الوطنيّ.

    ويعتبر كتاب “العقود الدرّيّة في تاريخ المملكة السوريّة” تاريخ برّ الشام القديم والحديث مع وصف مدنه وجباله، وقد صدر في عصر أحدثت فيه السياسة الإصلاحيّة العثمانيّّة نهضة فكريّّة أدّت إلى نشوء تصوّرات تاريخيّّة سياسيّة نوعيّة أو تطويرها على أيدي بعض المثقّفين اللبنانيّين والعرب في لبنان وسورية، وظهور ما عُرف بالنزعات القوميّة، العربيّّة منها والسوريّة، وتسرّب الاتّجاه العلمانيّّ إلى الشرق العثمانيّّ.
    ينتمي الياس ديب مطر إلى المؤرّخين غير المحترفين في أواخر العهد العثمانيّّ، الذين خاضوا مجال التاريخ بينما كانوا يقومون بأعمال أخرى أو يسعون وراء مهن أخرى كالصحافة والطبّ ووظائف الدولة. وهو يُعدّ واحدًا من أوائل السوريّين الذين تلقّوا الثقافة الغربيّة وحاول كتابة تاريخ بلدهم بحسب مبادئ العلم الأوروبيّّ. ويشكّل كتاب “العقود الدرّيّة في تاريخ المملكة السوريّة”، أوّل مؤلَّف تاريخيّّ وُضع عن سورية ككيان محدّد جيّدًا من قبل مؤرّخ عربيّّ. فكيف نشأ البعد الثقافيّ الوطنيّ عنده؟
    الكلمات المفاتيح ثقافة ـ تاريخ ـ وطن ـ إصلاحات ـ سورية ـ علمانيّة.
  • Elias Dib Matar’s Cultural Dimension of the National History in his Book Al-ʽUqūd al-Durrīya fi Tārīkh al-Mamlaka Al-Sūrīya

    Since the end of the eighteenth Century, and increasingly in the first half of the nineteenth Century, Lebanese historiography had known some essays in which the authors sought to develop new ideas and concepts about Lebanese history. They presented intellectual hypotheses embraced by some scholars and historians in the second half of the nineteenth Century, and went on developing them. These facts, indeed, were taking place under changing conditions affected the society, the economy, the politics and the culture. Among those who had tried to write the history of Lebanon in that period, Elias Dib Matar, an Orthodox young man from the village of Hasbaya in the South of Lebanon. He started in his book intitled Al-ʽUqūd al-Durrīya fi Tārīkh al-Mamlaka Al-Sūrīya from an increased conscience of the national history, associated with national conscience which Butrus al-Bustani dispersed at that time. This paper focuses on Matar’s cultural dimension of the national history, and where he can be classified among those who wrote the history of Lebanon in the nineteenth Century.
    Keywords: Culture – nation – history – reforms – Syria – secularism.

CITEPDF